إنجازات حزب الخضر الألماني تجاه الأجانب، وخاصة السوريين بقلم الدكتور عمر المحمد

5

إنجازات حزب الخضر الألماني تجاه الأجانب، وخاصة السوريين

يُعد حزب الخضر الألماني (Bündnis 90/Die Grünen) من الأحزاب السياسية التي لعبت دورًا بارزًا في الدفاع عن حقوق الأجانب واللاجئين في ألمانيا، وخاصة اللاجئين السوريين منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011. وقد اتسم موقف الحزب عمومًا بالتركيز على القيم الإنسانية، واحترام حقوق الإنسان، وتعزيز الاندماج، ومناهضة العنصرية والتمييز.

من أبرز إنجازات حزب الخضر دعمه الواضح لسياسة استقبال اللاجئين، حيث كان من أكثر الأحزاب تأييدًا لفتح أبواب ألمانيا أمام الفارين من الحروب والنزاعات. خلال موجة اللجوء الكبيرة عام 2015، وقف الحزب بقوة إلى جانب اللاجئين السوريين، واعتبر حمايتهم واجبًا أخلاقيًا وإنسانيًا، وليس عبئًا على المجتمع الألماني. هذا الموقف ساهم في ترسيخ خطاب أكثر إنسانية داخل الساحة السياسية الألمانية.

كما عمل حزب الخضر على تحسين القوانين المتعلقة باللجوء والإقامة، ودافع عن تسريع إجراءات البت في طلبات اللجوء، وتقليل فترات الانتظار الطويلة التي تسببت في معاناة نفسية واجتماعية كبيرة للاجئين. وطالب الحزب مرارًا بمنح اللاجئين فرصًا أفضل للاستقرار القانوني، بما في ذلك تسهيل الحصول على الإقامة الدائمة، خاصة لأولئك الذين اندمجوا في المجتمع أو يعملون ويدرسون في ألمانيا.

في مجال لمّ الشمل العائلي، كان لحزب الخضر دور مهم في الضغط من أجل توسيع حق اللاجئين في جلب عائلاتهم، معتبرًا أن تفريق الأسر يزيد من معاناة اللاجئين ويعيق اندماجهم. وقد دعم الحزب السوريين بشكل خاص في هذا الملف، نظرًا للظروف الإنسانية الصعبة التي تعيشها العائلات داخل سوريا أو في دول الجوار.

أما على صعيد الاندماج، فقد ركز حزب الخضر على أهمية تعلم اللغة والتعليم كوسيلة أساسية للاندماج الناجح. ودعم زيادة الاستثمار في دورات اللغة الألمانية وبرامج الاندماج، مع التأكيد على ضرورة إتاحتها للجميع دون استثناء. كما شدد الحزب على أهمية دمج الأطفال السوريين في المدارس بشكل سريع، وتوفير دعم نفسي وتربوي لهم، خاصة لمن عانوا من آثار الحرب واللجوء.

في سوق العمل، ساهم حزب الخضر في الدفع نحو سياسات تعترف بمؤهلات الأجانب وخبراتهم المهنية، بما في ذلك الشهادات القادمة من خارج الاتحاد الأوروبي. وقد طالب الحزب بتبسيط إجراءات معادلة الشهادات، ما أتاح للعديد من السوريين فرصًا أفضل للعمل في مجالات تخصصهم، بدل حصرهم في وظائف منخفضة الأجر.

كذلك، يُعرف حزب الخضر بموقفه الصارم ضد العنصرية وخطاب الكراهية. فقد دعم قوانين وتشريعات تهدف إلى حماية الأقليات ومكافحة التمييز، سواء في أماكن العمل أو السكن أو التعليم. كما كان للحزب دور في تعزيز ثقافة التعايش والتنوع، من خلال دعم المبادرات المجتمعية التي تشجع الحوار بين الثقافات وتكافح الصور النمطية عن اللاجئين.

سياسيًا، شارك حزب الخضر، من خلال وجوده في الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات، في صياغة سياسات هجرة أكثر إنسانية وتوازنًا. وقد انعكس ذلك إيجابيًا على أوضاع العديد من السوريين، سواء من حيث الاستقرار القانوني أو فرص التعليم والعمل والمشاركة المجتمعية.

في الختام، يمكن القول إن إنجازات حزب الخضر الألماني تجاه الأجانب، وخاصة السوريين، تتمثل في تبنّيه نهجًا إنسانيًا شاملًا يقوم على حماية الحقوق، ودعم الاندماج، ومناهضة التمييز. ورغم التحديات السياسية والاجتماعية المستمرة، يبقى حزب الخضر من أبرز الأصوات المدافعة عن كرامة اللاجئين وحقهم في حياة آمنة ومستقرة داخل المجتمع الألماني.

 

بقعة ضوء -ألمانيا Dr.Omar Elmuhamad د.عمرالمحمد دكتوراة قانون دولي ودوبلوماسي وإدارة السفارات-ألمانيا