حصّة تعارف بقلم بسمة الشوالي – تونس

56

حصّة تعارف
بسمة الشوالي – تونس

أطفأت ضوء المصباح. تغنّج اللّهب على مرقص الشّمع المنصهر فتعانقت ظلاله على جدران الغرفة. جلست على طرف المأدبة أنيقة، متلألئة الحضور والبسمات. ثملت بهجة حتى تدفّق الدّمع من عيون الروح الباطنيّة. دفعت في ميَس الدلال كرسيّها إلى الخلف. رقصت على أنغام الفالس تتأوّد كخصر البان في حضن الرّيح. حالما انتهت المقطوعة، تضوّر جسدها المنتشي رغبة في رقص أشدّ عنفوانا ونارا. غيّرت الإيقاع. تناولت شالها الوردي وطوّقت خصرها الساخن. رقصت “الفزّاني” حتى تعرّقت وساحت كلّ مياه الكآبة التي بغورها العميق. تهالكت مرشوشة برذاذ العرق، مُرجفة الأنفاس من لهاث. هدأ القلب المنفعل فأرسلت نفخة صدر مخضرّ تطفئ الشّمع ونقرة أنمل تقبّل المصباح الكهربائيّ. اِنعكس قوس جسدها المثنيّ على المرآة الجداريّة. لم تر صورته عليها. كان طيفه قد عاد من جديد إلى غرفة الخيال البعيدة وأطبق الباب خلفه، وعلى إثره المضيء رأت صورتها تجلس باذخة باسمة على الطّرف المقابل لمأدبة عيد الحبّ، وترفع نحوها نخب لقائهما الأوّل.